رَأْسٌ مِنَ العَصَبِ السَّامِي عَلَى قَفَصٍ
![]() مِنَ العِظَامِ إِلَى مَهْزُولَةٍ عُصِبَا
![]() أَهْوَى عَلَى كُوَّةٍ فِي وَجْهِهِ قَدَرٌ
![]() فَسَدَّ بِالظُلْمَةِ الثُقْبَيْنِ فَاحْتَجَبَا(12)
![]() وَقَالَ لِلْعَاطِفَاتِ العَاصِفَاتِ بِهِ
![]() الآنَ فَالْتَمِسِي مِنْ حُكْمِهِ هَرَبَا
![]() الآنَ يَشْرَبُ مَا عَتَّقْتِ لاَ طَفَحَاً
![]() يُخْشَى عَلَى خَاطِرٍ مِنْهُ وَلاَ حَبَبَا
![]() الآنَ قُولِي إِذَا اسْتَوْحَشْتِ خَافِقَةً
![]() هَذَا البَصِيرُ يُرِينَا آيَةً عَجَبَا
![]() هَذَا البَصِيرُ يُرِينَا بَيْنَ مُنْدَرِسٍ
![]() رَثِّ الْمَعَالِمِ، هَذَا الْمَرْتَعَ الخَصِبَا(13)
![]() * * *
![]() زُنْجِيَّةُ اللَّيْلِ تَرْوِي كَيْفَ قَلَّدَهَا
![]() فِي عُرْسِهَا غُرَرَ الأَشْعَارِ.. لاَ الشُّهُبَا(14)
![]() لَعَلَّ بَيْنَ العَمَى فِي لَيْلِ غُرْبَتِهِ
![]() وَبَيْنَ فَحْمَتِهَا مِنْ أُلفَةٍ نَسَبَا
![]() وَسَاهِرُ البَرْقَ وَالسُّمَّارُ يُوقِظُهُمْ
![]() بِالجَزْعِ يَخْفُقُ مِنْ ذِكْرَاهُ مُضْطَرِبَا(15)
![]() وَالفَجْرُ لَوْ لَمْ يَلُذْ بَالصُّبْحِ يَشْرَبُهُ
![]() مِنَ المَطَايَا ظِمَاءٌ شُرَّعَاً شُرِبَا(16)
![]() وَالصُّبْحُ مَا زَالَ مُصْفَرَّاً لِمَقْرَنِهِ
![]() فِي الحُسْنِ بِاللَّيْلِ يُزْجِي نَحْوَهُ العَتَبَا(17)
![]() يَا عَارِيَاً مِنْ نَتاجِ الحُبِّ تَكْرمَةً
![]() وَنَاسِجَاً عَفَّةً أَبْرَادَهُ القُشُبَا
![]() نَعَوا عَلَيْكَ – وَأَنْتَ النُّورُ-فَلْسَفَةً
![]() سَوْدَاءَ لا لَذَّةً تَبْغِي وَلا طَرَبَا
![]() وَحَمَّلُوكَ – وَأَنْتَ النَّارُ لاهِبَةً –
![]() وِزْرَ الذِي لا يُحِسُّ الحُبَّ مُلْتَهِبَا
![]() لا مَوْجَةُ الصَّدْرِ بِالنَّهْدَيْن ِتَدْفَعُهُ
![]() وَلا يَشُقُّ طَرِيقَاً في الهَوَى سَربَا
![]() وَلا تُدَغْدِغُ مِنْهُ لَذَّةٌ حُلُمَاً
![]() بَلْ لا يُطِيقُ حَدِيثَ اللَّذَّةِ العَذِبَا
![]() حَاشَاكَ، إِنَّكَ أَذْكَى في الهَوَى نَفَسَاً
![]() سَمْحَاً، وَأَسْلَسُ مِنْهُمْ جَانِبَاً رَطبَا
![]() لا أَكْذِبَنَّكَ إِنَّ الحُبَّ مُتَّهَمٌ
![]() بِالجَوْرِ يَأْخُذُ مِنَّا فَوْقَ مَا وَهَبَا
![]() كَمْ شَيَّعَ الأَدَبُ المَفْجُوعُ مُحْتَضِرَاً
![]() لَدَى العُيُونِ وَعِنْدَ الصَّدْرِ مُحْتَسَبَا(18)
![]() صَرْعَى نَشَاوَى بِأَنّ الخَوْدَ لُعْبَتُهُمْ
![]() حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظُوا كَانُوا هُمُ اللُعَبَا
![]() أَرَتْهُمُ خَيْرَ مَا في السِّحْرِ مِنْ بُدعٍ
![]() وَأَضْمَرَتْ شَرَّ مَا قَدْ أَضْمَرَتْ عُقُبَا
![]() |
(12) – الكوّة : إشارة إلى دائرة العين ومركزها، والثقبان: هما فتحتا العينين.
(13) – مندرس رثّ المعالم : يراد به أديم الوجه المتأثر بانطماس العينين. والمرتع الخصب: يراد به عقل أبي العلاء وروحه.
(14) – هذا البيت إشارة إلى بيت أبي العلاء المشهور:
ليلتي هذه عروس من “الزنج” عليها قلائد من جمان
(15) – إشارة إلى مطلع قصيدته الرائية المشهورة أيضاً :
يا “ساهر البرق” أيقظ راقد السمر لعل بالجزع أعواناً على السهر
(16) – إشارة إلى بيته وهو أجمل وأرقّ ما سمع في وصف تبلج الصباح :
يكاد الفجر تشربه المطايا وتملأ منه أوعية شنان
(17) – إشارة إلى بيت له من قصيدته التي مرّ ذكر البيت السابق منها وهو :
رب ليل كأنه “الصبح” في الحسن وإن كان أسود الطيلسان
والبيتان من قصيدته الشهيرة التي يقول في مطلعها :
عللاني فإن بيض الأماني فنيت والزمان ليس بفان
(18) – المحتضر : من أدركه الموت فأشرف عليه، والمحتسب: المفقود بالموت، ويقال ذلك للكبير، فإن كان المفقود صغيراً قيل فيه “مفترط” بفتح الراء.
**- المقصود الشاعر بشار بن برد.