الشاعر ابن الطبيعة الشاذ .

وصارمةٌ نواميسي وعندي
لمن لا يسحَقُ الوجدانَ سَحقُ

وإني لا حِبٌ بالظلم سهلٌ
ومنحدِرٌ لصافي القلب زَلْقُ

غريبٌ عالم الشعراءِ تقسو
ظروفهم وألسنُهم تَرِقُّ

كبعضِ الناسِ هُمْ فإذا استُثيروا
فبينهم وبين الناس فَرْقُ

شذوذُ الناس مُختَلَق ولكنْ
شذوذُ الشَّاعرِ الفَنّانِ خَلْقُ

وإن تعجَبْ فمن لَبِقٍ أريبٍ
عليهِ تساويا سَطْحٌ وعُمْقُ

تضيقُ بهِ المسالكُ وهو حُرٌّ
ويُعوِزُهُ التقلُّب وهو ذَلْقُ

وسرُّ الشاعرية في دِماغٍ
ذكيٍ وهو في التدبير خَرْقُ

تَخبَّط في بسائِطهِ وحَلَّت
على يَدهِ من الأفكار غُلْقُ

مشاهيرٌ وما طَلَبوا اشتهاراً
مَشَتْ بُرُدٌ بهم وأُثيرَ بَرقُ

ومَرموقونَ من بُعدٍ وقُربٍ
لَهمْ أُفُقٌ وللقمرين أُفْقُ

ومحسودونَ إن نَطَقوا وودُّوا
بشَدقٍ منهُمُ لو خِيطَ شَدْقُ

يُعينُ عليهُمُ رَشْقُ البلايا
من التنقيد والشتَمات رَشقُ

فإما جَنْبةُ التكريم منهم
فبابٌ بعضَ أحيانٍ يُدَقُّ

متى تُحسِن مدائحَهُمْ يَجِلّوا
كما اشتُريِتْ لحُسن اللحن وُرْقُ

وإلا غُودِروا هَمَلا ضَياعاً
كما بَعدَ الشرابِ يُعاف زِقُّ

ورب مُضيَّعٍ منهم هباءاً
يَشيدُ بذكرهِ غَرب وشَرقُ

تَزيَّنُ في الندى له دوَاةٌ
ويُعرَض في المتاحف منه رَقُّ

فيا عَجباً لمنبوذٍ كحَقٍ
يقدَّر من بديع نَثاه عِلْقُ

وفي شتى البلاد يُرى ضريحٌ
عليهِ من نِثار الوَرد وَسقُ

يُجل رفات أحمدِه (1) فراتٌ
وتَمسحُ قبرَ أحمدِها دمشقُ (2)

ومفرقُ ذاكَ شُجَّ فلم يُعقِّب
وُروّعَ ذا وسُدَّ عليهِ رزقُ(3)


(1) أبو الطيب أحمد المتنبي ومنشأه بالكوفة .
(2) أبو العلاء المعري أحمد الشاعر المعري منشأه المعرة .
(3) اشارة الى حادثة المتنبي مع إبن خالوية .