الباجة جي في نظر الخصوم .

فرَغَ الدستُ الذي كنتَ به
ملءَ عينِ المرءِ ملءَ الأذُن 

سَحَقَ الهوجَ المهازيلَ فتىً
لم يكن في سَحقِهم بالمَرِن (1)

وعلى الحمقى ثقيلٌ وقعُه
مَن بِغِرٍّ أحمقٍ لا يعتنِي 

وأراهم قوة لم يجدوا
مثلَها في هيكل أو وَثَن 

لم يروا فيه – كما في غيرهِ
خِدْنَهم من ماجنٍ أو مُدمِن 

لم يكن بالرخوِ في أخذِهُمُ
أخذَ جبارٍ ولا بالمثني 

أتُراها أمِنَت جرثومةٌ
لم تكنْ من بطشه في مأمَن 

نَقَم الحسّادُ إن لم يَلحقوا
شأو مَاشٍ خَببَاً في سَنَن(2)

قائمٍ بالأمرِ معتزٍّ به
وعلى تدبيرِه مُؤتَمَن 

ولو اسطاعَت مجالاً كفُّه
قادَهُم كلَّهُمُ في عَطَن (3)

اشهدي ياربةَ الشعر ويا
دولةَ الحقِّ عليه أمنِّي 

إن عُقبى ظَفَرٍ تَلحَقُني
من طريق الدسِّ لا تُعجبني 

ودنيُّ من يُعادي خصمَه
مِن طريقٍ بالحزازات دَني 

أشتَهي أنّي ولو في حُلُمٍ
أُمسكُ الأمرَ لأدنى زَمَن 

ولقد يُلهبُ من عاطفتي
أنَّ هذا زمنٌ لم يئِن 

أودِعوني دَفَّةَ الحكم ولو
ساعةً آتِ بما لم يَكُن 

أُرِكُم أينَ يكونُ المرتشي
أُرِكُم كيفَ مصيرُ الأرعَن 

أُرِكم قيمةَ ألفاظٍ بها
يَلبس الكذّابُ ثوبَ الوطني 

آتياً في السرِّ ما لا يَستوي
والذي يأتي به في العَلن 

أُركم أنْ ليسَ لي من قيمةٍ
غيرُ ما يوجِبُه لي مَعدِني 

أُركم أنَّ الذي تخشَونه
ليسَ من يَبكي عليه لوفَنى 

* * *

يا أبا عدنانَ : هذا واجب الأدَ
بِ المحضِ الصريح المُتقَن 

إنني ألغيتُ في تسجيله
كلَّ ما في خاطري من دَرَن 

ولقد تَعلَمُ ما يَلحَقُني
من أذىً من بَثِّ هذا الشَجن 

غيرَ أني واجدٌ في مِثلهِ
لذَّةَ العاشق والمفتَتن 

ومن العارِ على الشاعر أنْ
يحتَمي في شعرِهِ بالإِحَن


(1) الهوج : جمع أهوج وهو الأحمق الذي لا يستقيم في سلوكه .
(2) الخبب : ضرب من السير غير سريع ، السنن : الطريق .
(3) عطن : وطن الأبل ومبركها حول الحوض. والمراد به هنا المكان على التوسع والمجاز .