* القاها الشاعر مساء يوم 24 شباط 1948 في الحفل الكبير الذي أقيم في جامع الحيدرخانة في بغداد ، لمناسبة مرور سبعة أيام لاستشهاد أخيه محمد جعفر الجواهري واخوانه من الشهداء في معركة الجسر الباسلة يوم 27 كانون الثاني 1948 ، ثورة على معاهدة "بورتسموث" وكان يوم تشييع جنازته يوماً لم تشهد بغداد مثله في تاريخها الحديث .
* نشرت في جريدة "الرأي العام" العدد 1836 في 15 شباط 1948 .
أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ
![]() بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
![]() فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً
![]() وليس كآخَرَ يَسترحِمُ
![]() يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياع
![]() أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا (1)
![]() ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعين
![]() أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا (2)
![]() * * *
![]() أتعلَمُ أنَّ رِقابَ الطُغاة
![]() أثقَلَها الغُنْمُ والمأثَمُ
![]() وأنّ بطونَ العُتاةِ التي
![]() مِن السُحتِ تَهضِمُ ما تهضمُ (3)
![]() وأنَ البغيَّ الذي يدعي
![]() من المجد ما لم تَحُزْ "مريمُ"
![]() ستَنْهَدُّ إن فارَ هذا الدمُ
![]() وصوَّتَ هذا الفمُ الأعجمُ (4)
![]() فيا لكَ مِن مَرهمٍ ما اهتدَى
![]() إليه الأُساة وما رهَّموا (5)
![]() ويا لكَ من بَلسمٍ يُشتَفى
![]() به حينَ لا يُرتجى بَلسمُ
![]() ويا لكَ من مَبسِمٍ عابسٍ
![]() ثغور الأماني به تَبسِمُ
![]() * * *
![]() أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيد
![]() تظَلُّ عن الثأر تستفهِمُ
![]() أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيد
![]() مِن الجُوعِ تَهضِمُ ما تَلهمُ
![]() تَمُصُّ دماً ثُم تبغي دماً
![]() وتبقى تُلِحُ وتستطعِمُ
![]() فقُلْ للمُقيمِ على ذُلّهِ
![]() هجيناً يُسخَّرُ أو يُلجَمُ
![]() تَقَحَّمْ ، لُعِنْتَ ، أزيزَ الرَّصاص
![]() وَجرِّبْ من الحظّ ما يُقسَمُ (6)
![]() وخُضْها كما خاضَها الأسبقون
![]() وَثنِّ بما افتتحَ الأقدمُ
![]() فإِمَّا إلى حيثُ تبدو الحياة
![]() لِعينيْكَ مَكْرُمةً تُغْنَمُ
![]() وإمَّا إلى جَدَثٍ لم يكُن
![]() ليفضُلَه بيتُكَ المُظلِمُ
![]() |
(1) المدقع : الفقير المعدم .
(2) المهطع : الذليل .
(3) السحت : المال الحرام .
(4) ستنهد : الفاعل يعود على الأشياء في الأبيات السابقة .
(5) رهموا : استعمال اشتقه الشاعر من المرهم … والأساة : جمع أسى وهو الطبيب .
(6) من الحظ : في رواية أولى من الأمر .
المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الثالث-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1974م