أخي جعفر .

أخي "جعفراً" لا أقولُ الخَيال
وذو الثأرِ يَقْظانُ لا يَحلُمُ

ولكنْ بما أُلهِمَ الصابرون
وقد يقرأُ الغيبَ مُستَلهِمُ

أرى أُفُقاً بنجيع الدماءِ
تَنوّرَ واختفتِ الأنجُمُ

وحبلاً من الأرض يُرقى به
كما قذفَ الصاعدَ السُلَّمُ

إذا مدَّ كفّاً له ناكث
تصدَّى ليقطَعها مُبْرِمُ

تكوَّر من جُثَثٍ حوله
ضِخامٍ وأمجادُها أضخمُ

وكفّاً تُمدُّ وراء الحجاب
فترسُمُ في الأفْقِ ما ترسُمُ

وجيلاً يَروحُ وجيلاً يجيء
وناراً إزاءَهما تُضرَمُ

* * *

أُنبِّيكَ أنّ الحِمى مُلْهَبٌ
وواديه من ألمٍ مُفعَمُ

ويا وَيْحَ خانقةٍ مِن غدٍ
إذا نَفَّسَ الغدُ ما يَكظمُ

وأنّ الدماءَ التي طلَّها
مُدِّلٌّ بشُرطتهُ مُعرمُ (1)

تَنَضَّحُ من صدرِك المُستطاب
نزيفاً إلى الله يَستظلِمُ

ستبقى طويلاً تَجُرُّ الدماء
ولَنْ يُبرِدَ الدمَ إلاّ الدمُ

وأنَّ الصدورَ التي فلَّها
وأبدعَ ! في فلِّها مُجْرمُ

ونَثَّرَ أضلاعها نَثْرةَ
شَتاتاً كما صُرّفَ الدرهمُ

ستَحْضُنُها من صُدور الشباب
قُساةٌ على الحقِ لا ترحمُ


(1) طل الدم : أراقه ، المعرم : يريد من العارم أي الشديد المتجبر .