ومحشَرجِ وقفَ الحِمامُ ببابهِ
![]() فدفعتَهُ عنه فزُحزِحَ خائبا
![]() كم رُحْتَ تُطلِعُ من نجومٍ تختفي
![]() فينا وكم أعْلَيْتَ نجماً ثاقبا
![]() هذا الشَّبابُ ومِن سَناكَ رفيفُهُ
![]() مجدُ البلادِ بهِ يرفُّ ذوائبا
![]() هذا الغِراسُ – وملُْ عينِكَ قرّةٌ
![]() أنَّا قطفنا مِن جَناهُ أطايبا
![]() هذا المَعينُ ، وقد أسلتَ نَميرَهُ
![]() وجهُ الحياةِ به سيُصبْحُ عاشبا
![]() هذي الاكُفُّ على الصدورِ نوازِلاً
![]() مثلُ الغيوثِ على الزُّروغِ سواكبا
![]() * * *
![]() أوقفتَ للصَّرعى نهاراً دائبا
![]() وسهِرْتَ ليلاً " نابِغيّاً " ناصبا
![]() وحضَنْتَ هاتيكَ الأسِرَّةَ فوقَها
![]() أُسْدٌ مُضَرَّجَةٌ تلوبُ لواغِبا
![]() أرَجٌ من الذكرى يلفَّكَ عِطْرُهُ
![]() ويَزيدُ جانبكَ المُوطَّد جانبا
![]() ولأنتَ صُنْتَ الدارَ يومَ أباحها
![]() باغٍ يُنازلُ في الكريهةِ طالبا
![]() الْغَيُّ يُنْجِدُ بالرَصاصُ مُزَمْجِراً
![]() والرّشدَ يَنجِدُ بالحجارةِ حاصبا
![]() وَلأنتَ أثخَنْتَ الفؤادَ من الأسى
![]() للمثُخَنينَ مِن الجراحِ تعاقُبا
![]() أعراسُ مملكةٍ تُزَفُّ لمجدِها
![]() غُررُ الشَّبابِ إلى التُرابِ كواكبا
![]() الحْاضنينَ جِراحَهَمْ وكأنَّهمْ
![]() يتَحَضَّنونَ خرائداً وكواعبا
![]() والصابرينَ الواهبينَ نُفوسَهُمْ
![]() والمُخجِلينَ بها الكريمَ الواهبا
![]() غُرَفُ الجنانِ تضوَعَتْ جنَباتُها
![]() بصديدِ هاتيكَ الجراح لواهبا (1)
![]() وبحَشْرجاتِ الذاهبينَ مُثيرةً
![]() للقادمينَ مواكباً فمواكبا
![]() غادي الحيا تلك القبورَ وإنْ غدت
![]() بالنَّاضحاتِ من الدّماءِ عواشبا
![]() وتعهَّد الكَفَنَ الخصيبَ بمثلهِ
![]() وطنٌ سيَبْعَثُ كلَّ يومٍ خاضبا
![]() * * *
![]() بغدادُ كانَ المجدُ عندَكِ قَيْنَةً
![]() تلهو ، وعُوداً يَستحثُّ الضَّاربا
![]() وزِقاقَ خَمْرٍ تستَجِدُّ مَساحبا
![]() وهَشيمَ رَيْحانِ يُذَرَّى جانبا
![]() والجسرُ تمنحُهُ العيونُ من المَها
![]() في الناسِبينَ وشائجاً ومناسِبا
![]() الحَمدُ للتأريخِ حينَ تحوَّلَتْ
![]() تلكَ المَرافِهُ فاستَحَلْنَ مَتاعبا
![]() الشِّعْرُ أصبحَ وهو لُعْبةُ لاعبٍ
![]() إنْ لمَ يَسِلْ ضَرَماً وجَمْراً لاهبا
![]() والكأسُ عادتْ كأسَ موتٍ ينتشي
![]() زاهي الشبابِ بها ، ويمسحُ شاربا !
![]() والجسرُ يفخرُ أنَّ فوقَ أديمهِ
![]() جثثَ الضَّحايا قد تَرَكْنَ مساحبا !
![]() وعلى بريقِ الموتُ رُحْنَ سوافراً
![]() بيضٌ كواعبُ ، يندفعنَ عصائبا
![]() |
(1) غرف الجنان : يراد بها غرف المستشفى ورحباتها التي ضمت الجرحى والصرعى من شهداء يوم الوثبة .