هاشم الوترى .

أُنيبكَ عن شرِّ الطّغام نكايةً
بالمؤثرينَ ضميرَهمْ والواجبا

لقَدِ ابتُلُوا بي صاعقاً مُتَلهِّباً
وَقَد ابتُلِيتُ بهمْ جَهاماً كاذبا (2)

حشَدوا عليَّ المُغرِياتِ مُسيلةً
صغراً لُعابُ الأرذلينَ رغائبا

بالكأسِ يَقْرَعُها نديمٌ مالثاً
بالوعدِ منها الحافَتَيْنَ وقاطبا

وبتلكُمُ الخَلَواتِ تُمْسَخُ عندَها
تُلْعُ الرِّقابِ من الظّباءِ ثعالبا !!

وبأنْ أروحَ ضحىً وزيراً مثلَما
أصبحتُ عن أمْرٍ بليلٍ نائبا

ظنّاً بأنَّ يدي تُمَدُّ لتشتري
سقطَ المَّتاع ، وأنْ أبيعَ مواهبا

وبأنْ يروحَ وراءَ ظهريَ موطنٌ
أسمنتُ نحراً عندهَ وترائبا

حتى إذا عجَموا قناةً مُرَّةً
شوكاءَ ، تُدمي مَن أتاها حاطبا (3)

واستيأسوُا منها ، ومن مُتخشِّبٍ
عَنتَاً كصِلِّ الرّملِ يَنْفُخ غاضبا

حُرّس يُحاسِبُ نفسَهُ أنْ تَرْعَوي
حتَّى يروحَ لمنْ سواه محاسِبا

ويحوزَ مدحَ الأكثرينَ مَفاخراً
ويحوزَ ذمَّ الأكثرينَ مثالبا !!

حتى إذا الجُنْديُّ شدَّ حِزامَهُ
ورأى الفضيلةً أنْ يظْلَّ مُحاربا

حَشدوا عليه الجُوعَ يَنْشِبُ نابَهُ
في جلدِ "أرقطِ" لا يُبالي ناشبا !

وعلى شُبولِ اللَّيثِ خرقُ نعالِهم!
أزكى من المُترهِّلين حقائبا (4)

يتساءلونَ أينزِلونَ بلادَهم ؟
أمْ يقطعونَ فدافِداً وسباسبا ؟

إنْ يعصِرِ المتحكِّمونَ دماءَهم
أو يغتدوا صُفْرَ الوجوه شواحبا

فالأرضُ تشهدُ أنَّها خُضِبَتْ دماً
منّي ، وكان أخو النعيم الخاضبا

ماذا يضرُّ الجوعُ ؟ مجدٌ شامخٌ
أنّي أظَلُّ مع الرعيَّة ساغبا

أنّي أظَلُّ مع الرعيَةِ مُرْهَقاً
أنّي أظَلُّ مع الرعيَّةِ لاغبا

يتبجَّحُونَ بأنَّ موجاً طاغياً
سَدُّوا عليهِ مَنافذاً ومَساربا


(2) الجهام الكاذب : هو السحاب الذي لايعقبه مطر .
(3) القناة الشوكاء : هي التي يكثر في فروعها و أغصانها الشوك .
(4) يريد الشاعر بـ “شبول” الليث وأولاده وأطفاله .