هاشم الوترى .

حدِّثْ عميدَ الدارِ كيفِ تبدَّلَت
بُؤَراً ، قِبابٌ كُنَّ أمسِ مَحارِبا

كيف أستحالَ المجدُ عاراً يتَّقَى
والمكرُماتُ من الرّجالِ مَعايبا

ولم استباحَ "الوغدُ" حُرمةَ من سَقى
هذي الديارَ دماً زكِيّاً سارِبا

* * *

إيهٍ "عميدَ الدار" كلُّ لئيمةٍ
لابُدَّ – واجدةٌ لئيماً صاحبا

ولكلِّ "فاحشةِ" المَتاع دَميمةٍ
سُوقٌ تُتيحُ لها دَميماً راغبا

ولقد رأى المستعمِرونَ فرائساً
منَّا ، وألفَوْا كلبَ صيدٍ سائبا !

فتعهَّدوهُ ، فراحَ طوعَ بَنانِهمْ
يَبْرُونَ أنياباً له ومَخالبا

أعَرَفتَ مملكةً يُباحُ "شهيدُها"
للخائنينَ الخادمينَ أجانبا

مستأجَرِينَ يُخرِّبونَ دِيارَهُمْ
ويُكافئونَ على الخرابِ رواتبا

مُتَنمّرينَ يُنَصّبونَ صُدورهُمْ
مِثْلَ السّباعِ ضَراوةً وتَكالُباً

حتى إذا جَدَّتْ وغىً وتضرَّمَتْ
نارٌ تلُفُّ أباعِداً وأقارِبا

لَزِموا جُحورَهُمُ وطارَ حليمُهُمْ
ذُعْراً ، وبُدِّلَتِ الأسودُ أرانبا

إيهٍ "عميدَ الدار" ! شكوى صاحبٍ
طفَحَتْ لواعجُهُ فناجى صاحبا

خُبِّرْتُ أنَّكَ لستَ تبرحُ سائلاً
عنّي ، تُناشدُ ذاهباً ، أو آيِبا

وتقولُ كيفَ يَظَلُّ "نجم" ساطعٌ
ملءُ العيونِ ، عن المحافل غائبا

الآنَ أُنبيكَ اليقينَ كما جلا
وضَحُ "الصَّباح" عن العيون غياهبا

فلقد سَكَتُّ مخاطِباً إذ لم أجِدْ
مَن يستحقُ صدى الشكاةِ مُخاطَباً

أُنبيكَ عن شرِّ الطّغامِ مَفاجراً
ومَفاخراً ، ومساعياً ومكاسبا

الشَّاربينَ دمَ الشَّبابِ لأنَّهُ
لو نالَ من دَمِهِمْ لكانَ الشَّاربا

والحاقدينَ على البلادِ لأنَّها
حقَرَتْهم حَقْرَ السَّليبِ السَّالبا

ولأنَّها أبداً تدوسُ أفاعياً
منهمْ تَمُجُ سمومَها .. وعقاربا

شَلَّتْ يدُ المستعمرينَ وفرضُها
هذي العُلوقَ على الدّماءِ ضرائبا

ألقى إليهمْ وِزْرَهُ فتحمَّلوا
أثقالَهُ حَمْلَ "الثيّابِ" مشاجبا

واذابَهُمْ في "المُوبقاتِ" فأصبحوا
منها فُجوراً في فجورٍ ذائباً

يتَمَهَّلُ الباغي عواقبَ بَغْيِهِ
وتراهُمُ يَستعجلونَ عواقبا

حتى كأنَّ مصايراً محتومةً
سُوداً تُنيلُهُمُ مُنىً ورَغائبا

قد قلتُ لِلشَّاكينَ أنَّ "عصابةً"
غصَبَتْ حقوقَ الأكثرينَ تَلاعُبا :

ليتَ "المواليَ" يغصبونَ بأمرِهِمْ
بل ليتَهم يترَسَّمونَ "الغاصبا"

فيُهادِنون شهامةً ورجولةً
ويُحاربونَ "عقائداً" ! ومذاهبا