خلفت غاشية الخنوع .

هاتيكَ أبياتي يَصُوغُ خَيالَها
دونَ "العناصِر" عُنْصُرُ الأرزاءِ

وأُولاءِ أزهاري يُرَعْرِعُ نشأَها
نَبْعُ الأَسَى وخَمِيلةُ الضرّاءِ

كَسَبيكَةِ الإبريزِ تَعْدِلُ قوَّةُ
الشهداءِ فيها رِقّةَ البؤساءِ

قالوا : قرابينٌ ، فقلتُ : أرادَها
للأرضِ مَنْ وَصّيٍ بها لِسماءِ

عُنيَ الإلهُ بها فَصَيّرَ أمرَها
للناسِ في أخْذٍ لهَمْ وعطاءِ

واختارَ للفِدْيِ المفَضّلِ صَفْوةً
مِنْ ناهِضِينَ بثقلِهِ أكفاءِ

يهبونَ أرواحاً فتنهضُ أُمّةٌ
شمّاءُ مُرساةٌ على الأَشْلاءِ

وأَثابَهُم عنها الخُلودَ فَهَا هُمُ
نُصُبٌ شُخُوصٌ في عُيونِ الرائي (1)

             *     *      *

عدنانُ إنَّ دَماً وَهَبْتَ رسالةٌ
أنا مِنْ صَميمِ دُعاتها الأمنَاءِ

آمنْتُ بالحُمْرِ النّوافِحِ في الثّرى
َبْساً ، أريجَ الواحَةِ الخَضْراءِ (2)

المُهْدِياتِ العُمْيَ أيّةَ رُؤْيةٍ
والمُسْمِعاتِ الصُّمّ أيَّ دُعَاءِ

والمنْزِلاتِ على المَدَى سُوَرَ الهُدى
ورِسالةَ الآباءِ للأبناءِ

والجاعِلاتِ "الجيِلَ" جِسْرَ رَديفِهِ
وَبنيهِ للآتينَ رَمزَ فِداءِ

آمنتُ لا وَحْي العقِيدَةِ وَحْدَها
لَكِنْ بما أسلَفْتُ مِنْ خُلَصائي

آمنتُ إيمانَ الحجيجِ بقَصْدِهِ
فهناكَ لي جَدَثٌ على البَطْحاءِ (3)

آمنتُ إيمانَ النّهارِ بشَمْسِه
فَلقَد غُمِرْتُ بنورها الوضّاءِ

آمنت إيمانَ الدِّماءِ بنفْسِها
فأنا الصّبِيغُ بها صَباح مساءِ


(1) النصب بضمتين : والمفرد نصب ونصاب وهو التمثال .
(2) يريد بـ “الحمر” : الدماء .
(3) اشارة الى قبر أخيه الشهيد “جعفر الجواهري” في النجف .