خلفت غاشية الخنوع .

وهُمُ كخرْقاءٍ تُنفِّشُ عِهْنها
صَيْفاً وتنقُضُ غزْلها بشِتاءِ (1)

وهُمُ يزمُّون الحقائبَ خَشْيةً
من فجْأةِ الأقدارِ كالنُّزلاءِ

ستُّغِذُّ في غدٍ القريبِ كتائبٌ
لِحُتوفِ معتصمينَ كالزبّاءِ (2)

ستدوسُ أقدامُ الشعوبِ كخِرْقةٍ
مهْروءةٍ منْ كانَ سوْطَ بلاءِ

سيرَوْن كيفَ تُجيدُ في إبانها
صُنْعَ المعاجِزِ جمْرةُ البغْضاءِ

سيرى عتادُ الأجنبيّ بعينِهِ
مرْمى عقيدةِ أُمّةٍ عزْلاءِ

ستعوذُ تُصهَر طلْقةً وقذيفةً
ترمي الطغاةَ سلاسلُ السجناءِ

        *       *      *

عوّذتُ "جِلّقَ" بالضحايا جمّةٌ
من كيْدِ همّازٍ بها مشّاءِ

من سائرينَ القهقرَي لم يعرِفوا
بينَ الجهاتِ الستِّ غيرَ وراءِ

عوّذتُها بأغرَّ أبلجَ مُصْلَتٍ
كالسّيف "شكري" كاشفِ الغمّاءِ

بالحامل الأعباءِ يشْمخُ فوقها
أملُ العُروبةِ أثقلُ الأعباءِ

بمُسعِّر الجمراتِ يَحْدُو أُمّةً
لم تَخْلُ في الأزَماتِ منْ حدّاءِ

عوَّذْتُها بشبيبةٍ ، رَأدُ الضُّحى
مِنْ بعضِها ولطافةُ الأنداءِ

عوَّذتُها بالمالكيِّ ورهْطِهِ
من صفوةِ العُقداءِ والزُّعماءِ

مِن ناذرين نفوسَهم لم يعرِفوا
فيهنّ غيرَ فريضةٍ وأداءِ

بشُراةِ موتٍ يزحفون إلى الوَغى
زَحْفَ الحبيبِ لموعدٍ ولقاءِ

وبراقدٍ في "مَيْسَلونَ" وطيفُه
مُتنقِّلٌ يَنْهى عنِ الإغفاءِ (3)


(1) المهن : الصوف .
(2) أغذ السير : أسرع فيه .
(3) يريد بالراقد في “ميسلون” الشهيد البطل القائد السوري “يوسف العظمة” الذي قتل على أبواب دمشق وهو يصد الجيوش الفرنسية المحتلة الزاحفة إليها ؟