خلفت غاشية الخنوع .

قُدُماً دِمشقُ لسُنّةٍ عُوِّدتِها
في الحَمْدِ من عَوْدٍ على إبداءِ

أفْرَغْتِ من مَحْلِ الخُطُوبِ سياسةً
بنّاءةً ونَتَجْتِ من عُشَراءِ

سَلِمَتْ يداكِ فقد قَسَوْتِ عليهما
في عَصْرِ رأسِ الحيّةِ الرَّقْطاءِ

لم يبقَ منها غيرُ سُؤْر حُشاشَةٍ
يُلْوىَ بها ذَنَبٌ وغَيْرُ ذِماءِ

أنهي فديتُكِ أمرَها وتخلّصي
منها ومنْ قِشَرٍ لها مَلْساءِ

وتَحَضَّني جيلاً أَسَلْتِ لرَعْيِهِ
خيرَ الصدورِ وأكْرَمَ الأثْداءِ

رُدّي الأمانةَ يسْتَسِرُّ بنورِها
"عدنانُ" وهو بلُجّةِ الظلماءِ

أنفاسُكِ الرَّوْحاءُ هُنَّ بقيّةٌ
للمجْدِ من أنْفاسِكِ الصُّعَداءِ

ياكوكبَ الشهداءِ شَكْوَى مُرَّةً
لكَ تَرتمَي من كَوكْبِ الشّعَرَاءِ

قسماً بقبرِكَ وَهْي حِلْفَةُ صادقٍ
أَجْلَى بياناً منْ أَجَلِّ ثَناءِ

ما ضَيْعةُ الشهداءِ في أسْرِ الرَّدى
كَمتَاهَةِ الشُّهداءِ في الأحياءِ

في كلِّ يومٍ مِيتةٌ ملحودةٌ
بالصَّبرِ آوِنةً وبالإِغضاءِ

وبكلِّ زاوِيَةٍ ضميرٌ يَلْتَوي
لَيَّ الطّعِينِ بحرْبَةٍ عَقْفَاءِ

أبداً تَنِزُّ دماً جِراحُ كَرَامةٍ
هانتْ هَوانَ الجُرْحِ في عَجْمَاءِ (1)

حَسْبُ الكريمِ من الأذى إحْجامهُ
حتّى عَنِ الشكوّى منَ الإيذاءِ

وكَفَى الشجاعَ رَويّةً وعزِيمةً
ذلاَّ تَمنّى عِيشّةِ الجُبَناءِ

وسُقيتَ منْ وَعْيِ البلادِ وعزِّها
ما يَصْطَفيكَ برَوْضَةٍ غَنّاءِ


(1)العجماء : البهيمة .