طيف تحدر (يوم الشمال).

يومَ الشمال وفي ضَخامةِ باعثٍ
عُذْرٌ يقومُ بتُهمةِ الإطناب

أنا في رِكابِ الشعرِ ما لم أَحدُه
فإذا حَدَوتُ فإنَّه برِكابي

صُغْتُ القوفي فيكَ أنتَ مُثارهُا
وإليكَ حُسنُ مَردَّةٍ ومَثاب (46)

من حُرِّ بأسِكَ وقدُها، ونسيجُها
من نَسجِ درع المستميتِ الآبي (47)

ووَفَيتُ حتى إذ كفاني مَوْهنا
بؤسُ التغرُّب ذلّةَ الإرهاب (48)

واليومَ أُلقي للفداة بِحصّتي
وعلى ثَواب الواهبين ثَوابي

* * *

يومَ الشَمال وليسَ يومَك وحدَه
هو يومُ كلِّ محَلةٍ وجَناب (49)

هو يومُ رَهْطِ الشِّعر والآداب
وتلاحُمِ الأقطاب والأقطاب

هو يَومُ أعراسِ العِراق بما انجَلَتْ
من غَمْرة كالعِثْيَر المُنجاب (50)

هو " يومُ بغدادٍ " يُصافِقُ دجلةً
فيها ط الفراتُ " بمُتْرَع الأكواب (51)

كانتْ شريكَك في بلائِكَ كلِّه
وحَليفَ روحِك في الأذَى المُنتاب (52)

حَرّانةً في ليلةٍ ونَهارِها
غصّانةً في مَطْعَم وشَراب

وكأنَّما كانتْ يُقِضُّ وِسادَها
ما في وِسادكَ من رُؤوسِ حِراب (53)

كانت تَرَى الإرْثَ المقسَّم بينَها
نَهْبَ الخُطوبِ السُودِ كالأسلاب

وشِعافَ تاريخٍ لُبابٍ نابضٍ
قِطعاً يَحُزُّ بها كَحَزِّ رِقاب (54)

ولَشِرْكةُ الأفراح أهونُ مَنفَذاً
في أُلْفةٍ من شِرْكةٍ بمُصاب


(46) مُثار: مفعول من ” أثار ” أي أوحى. مثاب: عود.
(47) الآبي: فاعل من ” أبى “.
(48) موهن: آخر الليل.
(49) جناب: فِناء.
(50) غمرة: شدة. العِثْيَر: الغبار.
(51) يُصافق: صَفق الكأس بالكأس لدى تبادل الأنخاب.
(52) المنتاب: الذي يصيب بالنائبة.
(53) يُقضّ وساده: يزعجه ويمنعه.
(54) شعاف: جمع شَعفة وهي للجبل رأسه، وشِعاف تاريخ تفيد أن التاريخ باذخ شامخ كالقمم. لباب: خالص.