هاشم الوترى .

* القاها الشاعر في الحفل التكريمي الذي اقيم للدكتور هاشم الوتري
وكان عميداً للكلية الطبية ، بمناسبة انتخابه عضواً شرفياً في الجمعية الطبية البريطانية وذلك في شهر جزيران عام 1949م .
وهي فرصة أستغلها الشاعر ليبث من خلال أبياتها ما يريد نحو بعض أقطاب الحكومة .

مجَّدْتُ فيكَ مَشاعِراً ومَواهبا
وقضيْتُ فَرضاً للنوابغِ واجِبا

بالمُبدعينَ " الخالقينَ " تنوَّرَتْ
شتَّى عوالمَ كُنَّ قبلُ خرائبا

شرفاً "عميدَ الدارِ" عليا رُتبةٍ
بُوِّئْتَها في الخالدين مراتبا

جازَتْكَ عَن تَعَبِ الفؤادِ ، فلم يكن
تعبُ الدماغ يَهُمُّ شهماً ناصبا

أعْطَتْكَها كفٌّ تضمُّ نقائصاً
تعيا العقولُ بحلِّها . وغرائبا

مُدَّتْ لرفعِ الأنضلينَ مَكانةً
وهوتْ لصفعِ الأعدلينَ مَطالبا !

ومضَتْ تُحرِّرُ ألفَ ألفِ مقالةٍ
في كيفَ يحترمونَ جيلاً واثبا

في حين تُرهِقُ بالتعنّتِ شاعراً
يَهدي مَواطنَهُ ، وتُزِهق كاتبا

"التَيْمِسيّونَ !" الَّذين تناهبوا
هذي البلاد حبائباً وأقاربا

والمغدِقونَ على "البياضِ" نعيمَهُمْ
حَضْنَ الطيورِ الرائماتِ زواغبا

والحاضنونَ الخائنينَ بلادَهُمْ
حَضْنَ الطيورِ الرائماتِ زواغبا

يَستصرخونَ على الشّعُوب لُصوصَها
في حينَ يَحتجزونَ لِصّاً ساربا

ويُجَنِّبونَ الكلب وَخزةَ واخزٍ
ويجَهِّزُونَ على الجُموعِ معاطِبا

أُلاءِ "هاشمُ" مَنْ أروكَ بساعةٍ
يصحو الضميرُ بها ! ضميراً ثائبا

فاحمَدْهُمُ أن قد أقاموا جانباً
واذمُمْهُمُ أن قد أمالوا جانبا

وتحرَّسَّنْ أنْ يقتضوكَ ثوابَها !
وتوقَّ هذا "الصيرفيَّ" الحاسبا

* * *

لله درُّكَ أيُّ آسٍ مْنقذٍ
يُزجي إلى الداءِ الدواءَ كتائبا

سبعونَ عاماً جُلتَ في جَنَباتها
تبكي حريباً أو تُسامرُ واصبا

متحدَّياً حُكمَ الطباعَ ! ودافعاً
غَضَبَ السَّماءِ وللقضاءِ مُغالِبا !

تتلمَّسُ "النَّبَضاتِ" تجري إثرّها
خلَجاتُ وجهِكَ راغباً أو راهبا

ومُشارِفٍ ! نَسَجَ الهَلاكُ ثيابَهُ
ألْبْستَهُ ثوبَ الحياةِ مُجاذبا

ومكابدٍ كَرْبَ المماتِ شركتَهُ
– إذْ لم تَحِدْ منجىً – عناءاً كارِبا


المصدر : ديوان الجواهري-الجزء الثالث-وزارة الاعلام العراقية/مديرية الثقافة العامة-مطبعة الأديب البغدادية 1974م