قد كانَ يَعطِفُني عليك مَلامُ
ان لو ذخرتُكَ أيها الصِمصامُ
ان لو سلمتَ فلا شبايَ مُزنَّدٌ
أسفاً ، ولا حَدَيّ عليك كَهام (1)
لو لم تُجبني من رفاتك هَامةٌ
صبراً جميلاً ايُّها اللُّوام (2)
ما كنتَ "نحاماً" بنفسِك للورى
افأنت بي من أجلهم نَحام (3)
نحنُ الضَحايا : للشعوب فَقاره
ولكل ما يبني الشعوبَ قِوام (4)
هذي القُبورُ قنابرٌ مَبثوثة
لمكابرٍ وحَفيرُها ألغام
ما كانَ جيلٌ تستقيمُ قناتُه
الا ومَوتٌ ، يستقيمُ ، زُوآم
فالثُكْلُ والعَيْشُ السَويُّ سَويةٌ
ودَمُ الضحايا والحياةُ تُؤام (5)
* * *
يومَ الشهيد ! ونعمتِ الأيامُ
لو تستِتمُّ أخوّةٌ ووِئام
لو يَرْعَوي المتنابذونَ وكلُّهم
بهمُومِهم ، وشُعورهم ، أرحام
ولو التَقى من بعدِ طُولِ تَفَرُّقٍ
الشَيخُ ، والقِسيّسُ ، والحَاخام
ولو اتفقنا كيف يهتِفُ هاتِفٌ
فينا ، وكَيفَ تُحرَرُ الأعلام !
وبمِن يقودُ الزاحفيينَ أخالدٌ
ومحمدٌ ، ام أحمدٌ وهِشام ؟
هي امةٌ خافَ الطُغاة شَذاتَها
فسعَوا بها ، فاذا بها أقسام (6)
واذا بها والذلُ فوق رءوسها
قُبَبٌ له مَضروبةٌ وخِيام
يحتازُها والجوعُ ينهَشُ لحمَها !
باسم "الرغيف" معرَّةٌ وصِدام
|
(1) الشبا : حد كل شيء وكأنه يقصد الرمح – مقابلة للسيف في عجز البيت . والمزند : المقصر وهو هنا : الباخل بالأسف والحزن . والكهام : السيف الكليل (الذي لا يقطع) .
(2) الهامة : في أساطير العرب طائر يلازم قبر القتيل لا يفارقه حتى يؤخذ بثاره .
(3) النحام : البخيل .
(4) الفقارة : خرزة الظهر التي يستقيم بها . وقوام الشيء مادته ونظامه .
(5) التؤام : جمع توأم .
(6) الشذاة : الحدة .