يوم الشهيد .

يومَ الشهيد ! وما الخيالُ بسادر
بئسَ الخيالُ تقودُه الأوهامُ (1)

الشعر – يا يومَ الشهِيد – تجارِبٌ
وبلاؤُها ، لا لؤلؤٌ ونِظام

كَذِباً يُخيَّل أن بارقة المُنى
تنجابُ منها وحشةٌ وظَلام

أو أنَّ بالنَّزْر اليسير من الدما
سيُبَلُّ من عطَش الطُغاة أُوام (2)

أو أنَّ مَتعوباً ستَسْعى نحوه
عما قريبٍ راحةٌ وجِمام (3)

حُسبانُ ذلك للشهيد خِيانةٌ
وِلما تفَجّرَ من دمٍ إجرام

ولَتلك مَدعاة سيُنصَرُ عندها
عارُ النُكوص ويُخذَلُ الإِقدام

ولَذاك إِيهام يضلِّلُ أُمةً
وسلاحُ كل مضلِّلٍ إيهام

عَظُمت محاولةٌ وجَلَّ مرامُ
أفباليَسير من العَناء تُرام

* * *

يومَ الشهيد ! طريقُ كل مناضلٍ
وَعرٌ ، ولا نُصُبٌ ولا اعلام

في كل مُنعَطَفٍ تَلوحُ بلية
وبكُلِّ مُفتَرقٍ يدِبُّ حِمام

وحياضُ مَوت تلتقى جَنَباتُها
وعلى الحياضِ من الوُفود زِحام

وقِباحُ أشباح لمُرتَعِدي الحَشَا
بَرمٌ بها ، ولمُحرِبين هُيام (4)

بك بعد مُحتَدِمِ النضالِ سينجَلي
مما ابتدأتَ من النِضالِ ختام

سيُجازُ شَهرٌ بالعَناء وآخَرٌ
ويُخاضُ عامٌ بالدماء وعام

ستطيرُ في أفقِ الكفاح سَواعدٌ
وتَطيحُ في سُوح الكرامة هام

ستَشور من رَهَج اللُهاث عجاجةٌ
ويَهُبُّ من وَهَجِ الشَّكاة قَتام (5)

سيُعالَجُ الباغي بنَضْحٍ من دَمٍ
حتى تُسَكَّنَ شَهوةٌ وعُرام (6)

لابُدَّ من نارٍ يروح وَقودُها
منّا ومنه غارِبٌ وسَنام (7)

وتُنير منها الخابطينَ دُروبَهم
من بعدِ ذلك جذوةٌ وضِرام

اذ ذاك يًُصبحُ بعد طُول مَتاهةٍ
بيد الشُعوب مقادةٌ وزِمام


(1) السادر : المتحير .
(2) الأوام : شدة العطش .
(3) المتعوب : أراد به المتعب .
(4) المحرب : المحروب والحريب أي الذي نزل به الحرب وهو الهلاك والحرب أن يؤخذ مال الرجل كله .
(5) الرهج : الغبار ، والقتام : الغبار ايضاً .
(6) العرام : القسوة والشدة .
(7) الغارب : ما بين السنام إلى العنق أو الكامل .