ولقد تَرتَرْقَ في العُيون تساؤلُ
وعلى الشِفاه تحيَّر استِفهامُ
أعفا القَطينُ فما به مُتَنَفَّسٌ
وَخلا العَرينُ فما به ضِرغام ؟
أفوعدُ مُرتقِبِ "القيامةِ" خُلَّبٌ
وبريقُ منتظِر "النُشور" جَهام ؟ (1)
أو يكثُرُ الأبطالُ حين سِلاحُهم
بين الجْموع قَصيدةٌ وكَلام ؟
فاذا اسحترَّ الخطبُ واحتَدمَ الأذى
ذابوا ، فلا بطلٌ ولا مِقدم (2)
أفلا تكون مغارةٌ ؟ أو ما انتَهى
ما قَعْقَعَ الإِسراجُ والإِلجام ؟
أعلى ضمير المخلصينَ غِشاوة
وعلى فَم المتحرِّرين لجام ؟
حتى إذا قَذفَ الحمى بحُماتِه
ورَمَت بأشبالٍ لها الآجام (3)
وتنافَسَ "الفادون" لم يتمنَّنوا
فضلاً ، ولم يُبطرْهُمُ الانعام
وجدوا عتاباً للبلاد فأعتَبوا
وملامةً لشبابها "فألاموا"
ومَشوا إليها يدعَمون صفوفَها
بصُدورهم ، اذ عزَّهن دِعام
حَمَلوا الرصاص عَلى الصدور وأوغلوا
فعلى الصدور من الدِماء وِسام
تابَ الغَويُّ وثاب كل مشكِّكٍ
إنَّ الحمى من فوقه قَوّام
نَكِروا النفوسَ وفجَّروا اعراقَها
صَمْتاً ، فلا صَخَبٌ ، ولا إرزام
وأبَوا سِجامَ الدمع شيمةَ نائحٍ
فلهم دماءٌ يغتلينَ سِجام (4)
ناموا وقد صانُوا الحمى ومعاشِرٌ
تَركوا الحِمى للطارئات وناموا
|
(1) الجهام من السحاب : الذي لا يمطر .
(2) استحر الحطب : اشتد وعظم .
(3) الآجام : جمع أجم وهو الغاب والشجر الكثيف .
(4) السجام : للدمع الغزير .