عالم الغد .

عالم الغد …
* نشرت قطعاً متلاحقة في جريدة "الرأي العام" .. نشرت القطعة الأولى في العدد 842 في 19 تشرين الأول 1943 والقطعة الأخيرة في العدد 917 في 22 كانون الثاني 1944.
* نشرت في جريدة " الجمهورية " ( الملحق الأسبوعي ) بستة أعداد، ابتداء من العدد 2004 لعام 1974.

عالمَ الغَدِ: يا رهينَ ضَبابِ

من دُخانٍ ونَفْثَةٍ وتُراب

وعجاجٍ من المغاني الخَراب

تحتَ أنقاضِها وُجوهٌ كوابي

من شُيوخٍ وصبيةٍ وكَعاب

_ * _

هي إذْ حَشْرَجَتْ ورقَّتْ وَجيبا

أوْدَعَتْ في الترابِ سِراً رهيبا

وخيالاً للملهمين خصيبا

أمس هذا الضبابُ كان قُلوبا

_ * _

نابضاتٍ بنافحاتِ الشباب

وهباتٍ من الأماني العِذاب

وَهْي للكونِ، بَعْدُ، سَوْطُ عذاب

بِجنَاحِ المروَّعِ المرتاب

حلَّقَتْ كالسَّحابِ فوقَ السحاب

_ * _

تَمْنَحُ الشمسَ جذوةً واشتعالا

ومَشَتْ في الثرى تَهُزُّ الجبالا

يملأ الأرض غَيْضها زلزالا

يتحدى بِثِقله الأثقالا

فتُقيل الطغاةَ والأقيالا

والمهازيلَ في الحريرِ كسالى

عَثَراتٍ تُعرقلُ الأجيالا

وبعوضاً على الدماءِ عِيالا

_ * _

تتهزّى من ماجنٍ لَعّابِ

يتلهى بكأسِه والشَّراب

ساقطٍ فوقَ غيره كالذباب

ذاهلٍ عن دُنُوّ يومِ الحساب

عَصَفتْ بالرؤوسِ والأذْناب

من عبيدٍ وسادةٍ أرباب

ثم قالت وأنفذت كالشهاب

قال – بالرجم – وهو فصل الخطاب

أتُراني مطرودةً من إهابي

واللطافِ الخُلصانِ من أحبابي

_ * _

ومَقَرّي في وارفاتِ الظِّلالِ

خافقاتٍ : برقةٍ ودلال

والنميرِ المرَقْرَقِ السلسال

والطيوف المعرِّساتِ حِيالي

والأحاديث ذوبَ سِحْرٍ حلال

_ * _

والأمانيِّ مثلَ زَهْرِ الرّوابي

بالصبا تَسْتجِمُّ لا بالتّصابي

أتُراني اطَّرَحْتُ مالي ومابي

ضَلَّةً في مسالكي كالسراب

ومهاوي تشردٍ واغتراب

أتُراني أصبحت مَحْضَ خيالِ

وبيان عن فكرةٍ ومثال


المصدر : ديوان الجواهري-الجزء السابع-الجمهورية العراقية-وزارة الاعلام-دار الحرية للطباعة -بغداد 1980م