عالم الغد .

لوحةً ذاتَ بهجةٍ ورُواء

رَسَمَتْها كفُّ "النّظام" المُرائي

لترينا نموذجَ "الكُبَراء" ؟

أرِهِمْ: صورةً لوجهٍ خَلاء

من سِماتِ الإيحاءِ والإغراء

جامدٍ مثلَ صخرةٍ صمّاء

ومن الصخرِ ما يَفيضُ بماء

ويُقوّي دعائماً للبناءِ

وتماثيلَ نُطَّقٍ خَرْساء

من نِتاجِ النوابغِ العُظماء

بجبينٍ ضَنْكٍ كطيّ الحذاء

أوسعتْهُ صقلاً أكُفُّ "الهناء"

لا ترى فوقَهُ غضونَ عَناء

هي رمزُ الرجولةِ الشمّاء

وعيونٌ "كفحمةِ الطّرفاء"

خافقاتٌ بنظرةٍ جَوْفاء

آذنتْ من خُمودِها بانطفاء

هي عنوانُ ميّتِ الأحياء

أرِهِمْ: في العروقِ مَجْرَى الدماء

آسناتٍ في ظلّ عيشٍ رَخاء

لم تخضخض بهمّةٍ وفَتاء

ومهبِّ العواصفِ النكباء

واختلاطِ السّراءِ بالضرّاء

ومثار العواطف الشَعْواء

وتجاريبَ خيبةٍ ورَجاء

من أبٍ عاش عيشةَ السفهاء

يقضِمُ المالَ قِضْمَةَ العَجْماء

حازه من تسفّلٍ وارتشاء

واقتطاعٍ وسرقةٍ وادّناء

لم يُكَلَّفْ حتى بمعنى الثراء

ولأمٍ مشغولةٍ بالنساء

وفنونِ الأصباغ والأزياء

ومجالي تبذّلٍ وارتماء

وانزلاقٍ في هوّةٍ عمياء

من مهاوى الفجورِ والإغواء

تنهزّا منها عيونُ الإماء

_ * _

قل لهم: أمس كان مسْخٌ كهذا

يملأُ الأرضَ قوةً ونَفاذا

وارتقاءً بمعشرٍ وانتباذا

لم يكن أمس من يقولُ : لماذا ؟

كان هذا المِسخُ الغبيُّ ! مَعاذا

لنفوسٍ تَمجُّهُ ومَلاذا

أمسِ كُنّا وكنتُمُ شُذّاذا

أمسِ كنّا وكنتُمُ شُحاذا

_ * _

نجتدي من دمائنا قطراتِ

حبستْ عندَ هذه الحشرات

هي منّا في هذه الغمرات

والوجوهِ "المُصْفَرّةِ" الغبرات

والعيونِ "الحزينةِ" الحذِرات !

هي منا في هذه النّبرات

في حنايا الصدورِ "منكسراتِ"

_ * _

والأغانيّ أُفْعِمَتْ بعويل

ونَواحٍ مرجَّعٍ وهديل

بين زاهي الرُّبى وخُضْرِ الحقول

وعلى كلِ جَدْولٍ ومسيل

ولدى كلّ بكرةٍ وأصيل

صارخاتٍ من احتدامِ الميول

وتقاليد "معشَرٍ" و "قبيل"

من فؤادٍ دامٍ وحُبٍ قتيل

و "ضميرٍ" سام و "جسم" ذليل

_ * _

وهي ضوءُ الشموعِ في الحُجُراتِ

عندهم و "الكواكبِ" النيرات

ودلالِ الأوانِسِ الخَفِراتِ

و "تحايا" أنفاسِها العَطِرات

واصطخابِ "الأهواء" في السّهرَات

وأريجِ "العرائشِ" المزهراتِ

وهي ذَوْبُ الخمورِ مُعْتَصَرات