عالم الغد .

وتمادى أوامرٍ ونواهي

وتردٍّ في مُهْلِكاتٍ دواهي

تَرَكَ الذلُّ منهُمُ في الجِباه

وأخاديدَ أعينٍ وشِفاه

_ * _

ومجاري الدموعِ، والبَسَماتِ

وخطوطِ الوجوهِ، والقَسَمات

طابَعاً في الخلودِ كالنّيرات

هو في الأرض مَكْمَنُ الجَمَرات

ومثارُ العواطفِ الخَطِرات

_ * _

قد علمنا بمنطِقِ الحَدثَانِ

وبدرسٍ من "الحكم" الزمان

_ * _

بدمٍ خُطَّ في سُطورِ كتابِ

لنظامٍ مهيمنٍ غلاّب

مُسْتَتَمّ الفُصول والأبواب

من نِتاجِ الأجيال والأحقاب

وضحايا الأشراطِ والحُجّاب

لم تُعَوّقْ خُطاه بالارهاب

وفُنُونِ الإجرامِ والارتكاب

وأساليبَ مغرياتٍ كِذاب

من ثوابٍ مستهجنٍ وعِقاب

_ * _

وبما كان من قديم وكانا

من حديثِ تسمُّعاً وعِيانا

من جموعٍ هلكَى تثُلُّ كيانا

ركّزوا في أساسهِ الطغيانا

وطَلَوْا بالعدالةِ الجُدْرانا

رافعاتٍ من فوقهِ بنيانا

للذي تستطيعُهُ عُنوانا

إنّ هذا النِّضوَ الذَّليلَ المهانا

الذي فاض بِقْمةً واحتقانا

_ * _

وتغاضى عن الأذى أزمانا

يَحمِلُ القلبَ نابضاً والهوانا

والشعورَ المُمِضَّ والحِرْمانا

والذي ظنّه الجبانُ جبانا

_ * _

لم يكن مثلَ ما أرادوا وخالوا

بل هِزَبْراً إذا استقامَ مَجالُ

_ * _

وعَصوفاً مُدمِّراً مِرنانا

وخِضَّماً إذا انْبَرَى طُوفانا

وجحيماً إذا طغى بركانا

يقذف الغيظَ جوفُه نيرانا

لا عتاباً، ورقةً، وحنانا

_ * _

لم نعوّد لِصق التراب العتابا

غير ما كان زجرةً وسبابا

وامتهاناً وإمرةً وعقابا

_ * _

وشحناً آدابَنا واللغاتِ

باختلاف الحروفِ واللهجات

بنُعوتٍ فيّاضةٍ وصفات

مجحفاتٍ بحقّه مزريات

لائقاتٍ بهذه النكرات

_ * _

من "سوادٍ" و "سُوقةٍ" وطَغامِ

ورُعاعٍ تُساقُ كالأنعام

ووضعناهُ في أحطّ مقامِ

وحرمناهُ لذة الاِحترام

_ * _

واجتنبناه كاجتنابِ الجُذام

وسلبناه ما لَه من حطام

وركَلْناه، بعدُ، بالأقدام

_ * _

لم نغادرْ عليه حتى الثيابا

وشرِبنا دماءَهُ أكوابا

طافحاتٍ تَعاسةً واكتئابا